وصف الحمى

ملومكما يجل عن الملام *** ووقع فعاله فوق الكلام

ذراني والفلاة بلا دليل *** ووجهي والهجير بلا لثام

فإني أستريح بذي وهذا *** وأتعب بالإناخة والمقام

عيون رواحلي إن حرت عيني *** وكل بغام رازحة بغامي

فقد أرد المياه بغير هاد *** سوى عدي لها برق الغمام

يذم لمهجتي ربي وسيفي *** إذا احتاج الوحيد إلى الذمام

ولا أمسي لأهل البخل ضيفا *** وليس قرى سوى مخ النعام

ولما صار ود الناس خبا *** جزيت على ابتسام بابتسام

وصرت أشك فيمن أصطفيه *** لعلمي أنه بعض الأنام

يحب العاقلون على التصافي *** وحب الجاهلين على الوسام

وآنف من أخي لأبي وأمي *** إذا ما لم أجده من الكرام

أرى الأجداد تغلبها كثيراً *** على الأولاد أخلاق اللئام

ولست بقانع من كل فضل *** بأن أعزى إلى جد همام

عجبت لمن له قد وحد *** وينبو نبوة القضم الكهام

ومن يجد الطريق إلى المعالي *** فلا يذر المطي بلا سنام

ولم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على التمام

أقمت بأرض مصر فلا ورائي *** تخب بي الركاب ولا أمامي

وملني الفراش وكان جنبي *** يمل لقاءه في كل عام

قليل عائدي سقم فؤادي *** كثير حاسدي صعب مرامي

عليل الجسم ممتنع القيام *** شديد السكر من غير المدام

وزائرتي كأن بها حياء *** فليس تزور إلا في الظلام

بذلت لها المطارف والحشايا *** فعافتها وباتت في عظامي

يضيق الجلد عن نفسي وعنها *** فتوسعه بأنواع السقام

إذا ما فارقتني غسلتني *** كأنا عاكفان على حرام

كأن الصبح يطردها فتجري *** مدامعها بأربعة سجام

أراقب وقتها من غير شوق *** مراقبة المشوق المستهام

ويصدق وعدها والصدق شر *** إذا ألقاك في الكرب العظام

أبنت الدهر عندي كل بنت *** فكيف وصلت أنت من الزحام

جرحت مجرحاً لم يبق فيه *** مكان للسيوف ولا السهام

ألا يا ليت شعر يدي أتمسي *** تصرف في عنان أو زمام


وهل أرمي هواي براقصات *** محلاة المقاود باللغام

فربتما شفيت غليل صدري *** بسير أو قناة أو حسام

وضاقت خطة فخلصت منها *** خلاص الخمر من نسج الفدام

وفارقت الحبيب بلا وداع *** وودعت البلاد بلا سلام

يقول لي الطبيب أكلت شيئا *** وداؤك في شرابك والطعام

وما في طبه أني جواد *** أضر بجسمه طول الجمام

تعود أن يغبر في السرايا *** ويدخل من قتام في قتام

فأمسك لا يطال له فيرعى *** ولا هو في العليق ولا اللجام

فإن أمرض فما مرض اصطباري *** وإن أحمم فما حم اعتزامي

وإن أسلم فما أبقى ولكن *** سلمت من الحمام إلى الحمام

تمتع من سهاد أو رقاد *** ولا تأمل كرى تحت الرجام

فإن لثالث الحالين معنى *** سوى معنى انتباهك والمنام